المشاهير...أهداف ذهبية للمنظمات المجتمعية
لم تعد الاعمال الخيرية و خدمة المجتمع في مختلف
المجالات مسئولية الشركات الكبرى فقط؛ بل انها دور أساسي مطلوب يمارسه أيضاً
مشاهير المجتمع من الاثرياء، ورجال الاعمال، والساسة، والفنانين، والرياضيين،
والكُتاب والصحفيين، ورجال الدين...وغيرهم.
والمسئولية الاجتماعية للمشاهير أمر منتشر كثيراً ومتعارف عليه في
الغرب؛ فنري كل فترة العديد من الاعمال والمبادرات التي يقوم بها هؤلاء لخدمة
المجتمع.
فكرة غريبة ناجحة
فقد لفت انتباهي مؤخراً خبر غريب عن قيام الملياردير البريطاني "ريتشارد برانسون" "Richard Branson" مؤسس شركة "طيران فيرجن"
"Virgin Airlines" بالعمل كمضيفة طيران على متن طائرة منافسه رجل الأعمال الماليزي "توني فرنانديز" "Tony Fernandes" مؤسس شركة "طيران أسيا" "Air Asia" ، فقام "برانسون" بارتداء زي مضيفة وأدي كل واجبات
المضيفات طوال الرحلة، فوضح للركاب تعليمات الاقلاع والهبوط وارتفاع الطيران، كما قدم
لهم الاغذية والمشروبات.
ريتشارد برانسون
وتم تنظيم هذه الرحلة بعد خسارة الملياردير البريطاني لرهان أمام
منافسه رجل الاعمال الماليزي عام 2010 أثر جدال حدث بين الرجلين، حول أي فريق "فورمولا1" "Formula 1" سوف يقدم أفضل أداء في ذلك الموسم.
ونتيجة لتقدم "فريق لوتس"
"Lotus F1" المملوك لرجل الاعمال الماليزي بعد خسارة "فريق
فيرجن" "Virgin Racing" المملوك للملياردير البريطاني وتراجعه للمركز(12) قام "برانسون" بتنفيذ العقوبة المقررة في
الرهان وهي العمل مضيفة طيران في الخطوط المنافسة.
ورغم غرابة الفكرة إلا أن تلك الرحلة جذبت العديد من المسافرين الذين
أرادوا رؤية الملياردير البريطاني يقوم بخدمتهم شخصياً، كما حققت هدفها المنشود
وهو جمع تبرعات مالية لصالح جهات خيرية؛ إذ بلغت قيمة التذكرة لتلك الرحلة (400 دولار)
للراكب الواحد تم التبرع بجزء منها إلى "الصندوق
الاسترالي لاحتياجات الأطفال المصابين بأمراض خطيرة"، كما تم التبرع
بمبلغ (100 دولار)عن كل تذكرة إلى الجمعيات الخيرية الأخرى.
ربحوا المعجبين وجمعوا الملايين
كما قرأت خبراً حديثاً حول قيام "تيم
كوك" "Tim Cook" الرئيس التنفيذي لـ "شركة آبل"
"Apple" بإجراء مزاد عبر الإنترنت على جلسة معه شخصيا لمدة (30 دقيقة) لتناول
فنجان من القهوة، حيث وصل المزاد على هذا اللقاء إلى مبلغ (610 الاف دولار) ستذهب
إلى حساب "مركز روبرت كينيدي للدفاع عن حقوق الانسان" The Robert F. Kennedy"
"Center for
Justice and Human Rights.
بالإضافة لقيام الملياردير الامريكي "وارن
بافيت" "warren buffett" أشهر مستثمر في العالم بتنظيم مزاد على الانترنت مقابل وجبة غداء معه
شخصيا لشخص واحد مع ( 7 أشخاص من أصدقاءه)
حيث وصل المزاد إلى حوالي (3.5 مليون دولار) ذهبت لصالح مؤسسة "جلايد فاونديشن الخيرية
" "GLIDE foundation" ومقرها في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الامريكية وهي تدير مشروعات
خيرية ضخمة تتنوع بين إطعام الفقراء، والرعاية الصحية، وحماية النساء من العنف
الأسري...وغيرها من المشاريع.
وارن بافيت
كما قام مؤخراً النجم السابق لنادي "مانشستر يونايتد" "Manchester United" الفرنسي "اريك كانتونا"
"Eric Cantona" ببيع سيارة "رولز رويس" "Rolls Royce" يمتلكها بسعر (125 الف يورو) في
مزاد ذهب ريعه لـ "مؤسسة الاب بيار" المدافعة عن حقوق المشردين في فرنسا.
واستطاع المطرب الامريكي الشاب "جاستين
بيبر" Justin Bieber" في أحد الفعاليات جمع تبرعات بلغت أكثر من (مليون دولار) لصالح عدد من
الجمعيات الخيرية.
كما أقامت المغنية الأمريكية "سيلينا جوميز" "Selena Gomez" حفل غنائي خيري لصالح "منظمة اليونيسيف" "UNICEF"
فجمعت خلاله (200 الف دولار) لدعم الأطفال في افريقيا.
سيلينا جوميز
فضلاً عن قيام مجموعة من الفنانين ومناصري البيئة الغربيين برحلة شاقة
لتسلق "جبل كلمنجارو" في تنزانيا وهو
أعلى جبل في أفريقيا، حيث عبر المشاركون غابات السافانا، والغابات الاستوائية،
والصحاري القاسية، والوديان المليئة بالثلوج، وذلك من أجل التوعية بأزمة المياه النظيفة، والتي تؤثر على أكثر من مليار شخص في
أنحاء العالم، ولجمع تبرعات لـ "المفوضية العليا لشئون اللاجئين" ، وغيرها من المنظمات
الإنسانية الأخرى.
أخيراً قامت سفيرة
اليونيسيف للنوايا الحسنة وصاحبة الميدالية الذهبية الأولمبية بطلة التزلج
العالمية "يونا كيم" "Yuna Kim" بتصوير مقطع فيديو مدته (30 ثانية) لصالح "منظمة اليونيسيف" "UNICEF" وجهت فيه نداء عاجل
تناشد فيه العالم مساعدة "أطفال سوريا"
الذين يعيشون ظروفاً صعبة داخل وخارج سوريا، ويعانون أشد المعاناة نتيجة الحرب
والدمار الذي أصاب بلادهم، إذ يحتاجون بصورة ملحة إلى مياه نظيفة، ومساعدات غذائية،
ولوازم طبية ولقاحات، ورعاية نفسية، وخدمات تعليمية،...وغيرها، حيث تذكر
الاحصائيات ان عدد الاطفال المحتاجين إلى إغاثة فورية حوالي (3.1 مليون طفل) داخل
سوريا، بينما وصل عدد الأطفال الذين فروا إلى البلدان المجاورة كلاجئين إلى أكثر
من (730 ألف طفل).
وهناك الكثير من الأمثلة التي لا يتسع المجال لذكرها هنا لمشاهير
ساهموا بتنظيم أو المشاركة في فعاليات وأنشطة وحملات لصالح جمع تبرعات خيرية أو
دعم لقضايا إنسانية.
ولكن
للفائدة سوف أعرض جدول بإحصائية للمسئولية الاجتماعية للمشاهير أعددتها اعتماداً
على أرقام جمعتها من موقع "لوك توذا ستارز" "Look to the Stars" وفي هذا الجدول نجد كافة
القضايا والمجالات التي يدعمها مشاهير العالم.
إحصائية المسئولية الاجتماعية لمشاهير العالم
قضايا أو
مجالات الدعم
|
عدد المشاهير
الداعمين
|
عدد المنظمات
المدعومة
|
الاطفال
|
1,991
|
598
|
الصحة
|
1,811
|
477
|
التعليم
|
961
|
278
|
الشباب المعرضين للمخاطر
|
849
|
237
|
الفقر
|
1,079
|
195
|
البيئة
|
706
|
173
|
أمراض السرطان
|
1,008
|
173
|
مجالات متنوعة
|
622
|
147
|
الايدز ونقص المناعة
|
1,152
|
144
|
حقوق الانسان
|
989
|
141
|
المرأة
|
587
|
140
|
الحيوانات
|
647
|
139
|
الاسرة ودعم الوالدية
|
574
|
128
|
الفنون الإبداعية
|
677
|
113
|
الاغاثة والكوارث
|
893
|
95
|
جهود المحافظة والبقاء
|
400
|
92
|
التحديات الجسدية
|
409
|
91
|
الاساءة والتحرش
|
526
|
81
|
التشرد
|
506
|
75
|
التحديات العقلية
|
370
|
74
|
الجوع
|
576
|
68
|
التبني ودعم الايتام
|
317
|
63
|
السلام
|
324
|
56
|
الرياضة
|
163
|
51
|
المياه
|
226
|
41
|
دعم المحاربين القدامى والعاملين في الخدمات العامة
|
201
|
40
|
الدعم التجاري والاقتصادي
|
224
|
38
|
الاغتصاب والتحرش الجنسي
|
215
|
38
|
محو الامية
|
210
|
35
|
العمل الخيري
|
175
|
31
|
اللاجئين
|
222
|
28
|
دعم المحزونين والمفجوعين
|
131
|
24
|
تعاطي المخدرات
|
101
|
20
|
الادمان
|
61
|
19
|
دعم الشاذين
|
156
|
18
|
الرق والاتجار بالبشر
|
300
|
17
|
البطالة
|
166
|
17
|
المحيطات والبحار
|
108
|
16
|
الدم والنخاع والتبرع بالأعضاء
|
69
|
16
|
دعم كبار السن / المواطنة
|
59
|
15
|
الحد من الأسلحة
|
70
|
14
|
الاكتئاب والانتحار
|
101
|
13
|
الاطفال المفقودين
|
44
|
9
|
التجارة العادلة
|
64
|
8
|
توعية الناخبين
|
117
|
8
|
خدمات الطوارئ
|
27
|
6
|
الاجمالي
|
21,184
|
4,300
|
الجدول خاص: مدونة ملفات في العلاقات: http://dmadooh.blogspot.com
مصدر الارقام موقع : Look to the stars
فوائد وعوائد
هناك العديد من المزايا التي تعود علي الشخصيات
المشهورة من وراء أعمالها الخيرية والانسانية وأهمها من وجهة نظري:
1.اكتساب احترام المجتمع وبناء علاقة قوية مع أفراده.
2.زيادة عدد المعجبين.
3.تقدير الذات والفخر بالإنجازات.
4.زيادة مبيعات منتجات واعمال ومشاريع تلك الشخصية وبالتالي زيادة
ارباحها.
5.زيادة شهرة الشخصية أكثر فأكثر من خلال تغطية وسائل الاعلام لأنشطتها
ومبادراتها؛ مع الاشارة لآخر الاعمال الخاصة بها وبالتالي الحصول علي حملة علاقات
عامة مجانية.
6.نيل تخفيضات ضريبية كبيرة نتيجة تقديم تبرعات مالية ضخمة.
7.وسيلة لإثبات الجدية والالتزام لجذب مزيد من عروض العمل والمشاريع.
8.التخلص من الشائعات في وسائل الاعلام واستبدالها بالأخبار الايجابية.
9.بناء علاقات عمل مع
الشركات الكبرى ورجال الأعمال وتكوين صلات وروابط مع الطبقات الراقية في المجتمع.
ومن جهة ثانية...هناك أيضاً العديد من المنافع التي
تعود علي المؤسسات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني من مشاركة المشاهير في أعمالها
وفعالياتها وأهمها من وجهة نظري:
1.ربط المشاريع الخيرية والافكار الايجابية بالمشاهير يسلط الضوء عليها وبالتالي
يتم تشكيل رأي عام حولها يؤدي لانتشارها في المجتمع.
2.الحصول على إيرادات مالية كبيرة من الانشطة التي يتم تنظيمها بمشاركة
المشاهير على شكل رعايات وتبرعات وهبات.
3.الحصول على تغطيات اعلامية واسعة للأحداث والفعاليات التي تنظمها تلك
المؤسسات والمنظمات.
4.زيادة عدد الشخصيات الهامة من المتبرعين والمانحين لتلك المؤسسات
والمنظمات.
5.كسب مزيد من الثقة والمصداقية في
المجتمع.
6.زيادة عدد المتطوعين في الأنشطة والأعمال الخيرية والانسانية.
7.جذب الشركات الكبرى للمشاركة والرعاية والاستفادة من الدعاية المجانية
في إعلاناتها ونشراتها ومواقعها الالكترونية.
8.جذب الطبقة الراقية في المجتمع للمشاركة في الفعاليات والانشطة.
9.استقطاب الحضور الجماهيري الكبير من المعجبين بتلك الشخصيات الشهيرة.
10. استمرار الاثر الطويل
للفعاليات والانشطة الخيرية المرتبطة بالمشاهير في ذهن الجمهور.
المسئولية الاجتماعية عند العرب بين التقصير والاهمال
ويلاحظ المتأمل لأحوال الميدان الخيري والإنساني في عالمنا العربي تقصيراً كبيراً في جانب المسئولية الاجتماعية من
قبل مشاهير العرب، وبالمقابل إهمالاً واضحاً من قبل مؤسساتنا الخيرية ومنظمات
المجتمع، المدني للمنافع العديدة الناتجة عن استغلال المشاهير في أنشطة وفعاليات لدعم
أفكارها ومشاريعها.
وأحد الدلائل على ذلك ما ذكره تقرير "مؤشر
الاعمال الخيرية" الصادر عن "مجلة
فوربس" "Forbes" الاميركية بالمشاركة مع مؤسسة "بي
إن بي لإدارة الثروات" "BNP Paribas Wealth Management" أن: هناك (30) من بين اجمالي (100) من اغنى اغنياء العالم يعيشون في
منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، من الذين يهتمون باستخدام اموالهم في الاعمال
الخيرية وخدمة المجتمع، ويبلغ متوسط صافي ثرواتهم (3.2) مليار دولار.
وقد تصدرت السعودية الدول العربية وجاءت في المركز الثالث عالميا
بمشاركة (10) من الاغنياء في الاعمال الخيرية، ولبنان في المركز الثاني عربيا
والسادس عالميا بـ (6) اغنياء، وتشاركت كل من الكويت والامارات والمغرب بالمركز
الثالث عربيا والسابع عالميا بـ (5) اغنياء.
واشار التقرير الى الامير "الوليد
بن طلال" من السعودية يمتلك مؤسسات الوليد الخيرية، كما يمتلك (13) من
اغنياء العرب مؤسسات خيرية أو نسبة (43%) منهم، مما يعتبر اقل من المتوسط العالمي.
أما عن مدي الاهتمام بالأعمال الخيرية في الشرق الاوسط فإن (63%) من
الاغنياء يهتمون بالأعمال الخيرية بدوافع دينية، كما ان (65%) منهم يركزون في
اعمالهم الخيرية على التغيير الاجتماعي، و(38%) منهم يتبرعون بأقل من (5%) من
الدخل السنوي للأعمال الخيرية، ويصر (60%) من اغنياء الشرق الاوسط على عدم ذكر
اسمائهم عند تقديم تبرعات.
اعتبارات هامة
أعتقد أن على منظمات المجتمع المدني الاستفادة القصوى من المشاهير لدعم أنشطتها
ومشاريعها على المدي القصير والطويل كذلك، مع مراعاة التعاون مع المشاهير من ذوي
الشعبية الكبيرة والأثر القوي، أصحاب الأخلاق الراقية والسمعة الطيبة، الذين لم
يرتبطوا بفضائح أخلاقية أو سلوكية؛ حرصاً على عدم التأثير السلبي على سمعة المنظمة.
ومن الضروري الأخذ بالاعتبار تصنيف المشاهير بحيث يتم معرفة قدرات
الشخصية الشهيرة التي يتم الاستعانة بها في الحدث؛ سواء قدرتها على نشر الوعي
بقضية ما، أو مدى امكانية مساعدتها للمنظمة في جمع التبرعات وجلب الرعايات.
مع الحرص على تنظيم الانشطة والأحداث والمشاريع الابداعية والمبتكرة والمتميزة
البعيدة عن التقليدية؛ وذلك لضمان جذب المشاهير للحضور والمشاركة في هذه الفعاليات.
أخيراً:
لنتذكر أن أصوات المشاهير قوة مغناطيسية سحرية يمكننا
استغلالها بصورة مذهلة لجذب انتباه المجتمع تجاه العديد من الاعمال الخيرية و
القضايا الانسانية.
تعليقات
إرسال تعليق